دمار، تهجير، قتل، موت، مخدرات، سجن...! طباعة

هذه هي قصتي المؤلمة والتي أريد أنا أشارككم

أنا شاب فلسطيني، أصل عائلتي من مدينة الرملة.  ولدت عام 1966. حيث كانت البلاد تمر بأصعب حالتها جراء الحرب العنيفة التي اجتاحت البلاد.

لم يكن عندي مكاناً لأنام فيه. ولهذا أضطريت مراراً كثيرا أن أنام خارج البيت في الشارع  فترعرعت كلاجئ .

لقد كانت عائلتي فقيرة ولم يكن لوالدي صنعة، وقد حاول العثور على عمل ولكن الأبواب كانت مغلقة غالباً ،وهذا نتيجة الحياة التي تلت الحرب كانت حياة صعبة للغاية، ولكن مع مرور الوقت وجد أبي عمل في فندق، وبعدها عمل في الأمن (حارس) مع بعض الرجال الإسرائيليون .

 

كانت من اكبر المشاكل التي تجتاح البلدة القديمة  آنذاك هي المخدرات، التي لم تترك بيتاً إلا ودخلتها...!  من بينهم أخي إبراهيم لقد أصبح مدمن مخدرات وابتدأ يعمل أعمال أغضبت أهلي ولذلك قام أبي بطرده من البيت. أعتقل أخي إبراهيم ودخل السجن، وبينما هو في السجن قامت أختي بزيارته وقدمت له الكتاب المقدس،  وبعد هذا سمعنا أنه سلم حياته للرب يسوع المسيح . وبعد خروجه من السجن ابتدأ يُبشر لقد كان يجول بكل مكان متكلماً ومحدثاً عن الرب يسوع! وهذا ما أدهشني كثيراً .

 

لقد كان حدث اخي إبراهيم وتسليم حياته للسيد المسيح كان لهذا تأثيراً على حياتي. ولا سيما لأني كنت قد بدأت اتعاطى المخدرات، لأني كما قلت سابقاً كان سهل الحصول عليها حيث دخلت المخدرات كل البيوت وكان الكثيرون يموتون من  تعاطيهم المخدرات .

وبسن المراهقة بدأت أتشاجر دائماً مع أبي، وكان قلبي مليء بالمرارة نحوه ولم أحبه بتاتاً، لقد كان رجلا ً قاسياً، كان يضربني ويرميني كثيراً خارج البيت. وكانت هذه الأيام صعبة ولا سيما بأيام الشتاء والبرد القاسي ولا أجد مكاناً أنام فيه وأيضا لا استطيع الرجوع إلى البيت .

 

وفي أحدى الأيام التي كنت فيها ابحث عن مكان انام فيه،  تقابلت مع شخصاً كنت قد عرفته من أيام المدرسة، حيث أخبرني أنه ينام بأحد الفنادق ودعاني لأرافقه، كنت سعيداً جداً وكنت ممنوناً له لأنه قدم لي هذا المكان لأنام فيه، فذهبت معه فرأيته يتعاطى المخدرات ولكن من النوع الثقيل. ورأيته كيف كان يحقن نفسه بالمخدرات حيث رافقته أنا أيضا في هذا الطريق .

 

كنت بالثالثة والعشرين من العمر، عندما أنظرُ إلى الوراء أستطيع القول إنني كنت في وضع ميئوس منه!  كان أبي دائماً يقول ليّ أنني فاشل.  حتى وأنا صغير كان يصرخ بوجهي ويقول أنت إنسان لن تنجح بحياتك أبداً لدرجة أنهم وضعوني في ميتم وتخلوا عني! وبعدها بفترة هربت منه، لم أجد شيئاً يشجعني بحياتي أبداً، كل هذه الأمور وضعت بقلبي كراهية كبيرة تجاه أبي لم أكن أبداً أحبه وهو أيضاً لم يحبني .

كنت دائماً  أسال أن كنت أكره أبي أكثر من اليهود، حيث أن دائماً كان الكل يقولون ليّ أن اليهود اغتصبوا  أراضي وممتلكات أهلي لذلك كنت اكرههم جداً! وكانت كل كلاماتي عنهم دائماً بالسلبية والكره والحقد. حيث كنت أعبر عن هذا  بكتابتي أشياء ضد اليهود على الحائط، كنت أرميهم بالحجارة ونفعل أمور سيئة .

 

في أحدى الأيام بينما كنت عائداً من العمل رآني جندي إسرائيلي،  فأمسكني وراح يضربني بكل عنفوان حتى تجمع إليه بعض الجنود وبدأوا يضربونني ضرباً مبرحاً وألقوني أرضاً. لدرجة أن عظام وجهي كُسرت، ولأجل هذا أقسمت بأني لن و لم اغفر ولأن احبهم اطلاقاً، كل ما فعلوه معنا جعلني صعب جداً أن أحبهم بل من المستحيل أن أحبهم. وبهذا الوقت ازداد  شربي للكحول وتعاطي المخدرات والهيروين بدرجة مرعبة.  حتى كنت اسرق لكي أستطيع أن ألبي تعاطي المخدرات والكحول. كنت نحيفاً ومظهري يدل على أني أحتضر وقريب من الموت حيث قال لي بعض الأشخاص أن يجب أن أحضر لدفني! وصلت لأدنى نقطة في حياتي حيث ألقي القبض عليّ عدة مرات وذهبت للسجن وفي كل مرة كانوا يطلقون سراحي بعد عدة أيام  وأيضا كنت أعود إلى الإدمان مرة تلو الأخرى .

 

كانت  أرى أن اكبر مشكلة يواجهه العرب هي أنهم غير محبوبين هنا في إسرائيل، ولكن هناك الكثير هنا من المسيحيين الذين يحبون اليهود، ولكن العرب متروكين والانطباع السائد  أن العرب لا يهتم بهم احد، ولذا تولدت عندي الكثير من الأسئلة منها هل عند الله أناس مفضلين عن أناس؟ حيث كنت أشاهد الأخبار وأرى المشاكل في غزة والضفة الغربية و أتسأل  لماذا الله يسمح للفلسطنيون أن يتعذبوا لهذه الدرجة؟ وكنت غاضبً جداً  من الوضع...!

 

بدأت نظرتي للحياة تتغير عندما أصبح أبي مؤمن مسيحي ورأيت تغيير كبير في حياته وهذا فاجئني كثيرا.ًأصبح أبي حنون . كل هذا الأمورأدهشتني وجعلتني أفكر في حياتي الشخصية هل أستطيع أن أتغيير؟ هل استطيع أن أصنع شيئاً  من حياتي؟ هل استطيع أن أتخلص من المخدرات والكحول وأفعل شيئاً له قيمة في حياتي؟  ولكن توفى أبي بعد فترة قليلة ومن المحزن أنه لم يرى التغيير الذي جرى فيّ.  حيث قررت الذهاب إلى مركز لإعادة التأهيل في حيفا يُديره مؤمنين وعند وصولي للمكان قلت أنني سوف أهرب بعد أسبوع  ولكن الرب أبقاني وراح يُجري التغيير في حياتي. وتقابلت مع الرب يسوع الذي غيّر حياتي.

 

ولكن التغيير لم يحصل بمرة واحدة، وكان بانتظاري عدة مفاجآت كان عيد المظال في هذا الأسبوع حيث كان اليهود يبنون خيمة، ويأكلون فيها حيث كانوا يتذكرون عظمة الرب.  ويشكرون على جمع الحصاد. كان هناك في مركز التأهيل أخ يهودي أسمه "داني " سألني أذا أستطيع مساعدته  في بناء خيمة في الحديقة  لم أتردد لحظة وافقت بكل فرح وأنا أعمل معه وجدت أن الأمر ممتع، حيث تذكرت قبل أن أصبح مؤمناً مسيحياً كنت أود أن أدمر كل يهودي، لكن الآن أصبح كأخ لي في المسيح، وسألت نفسي هل ممكن أن يحصل لي هذا التغيير وفهمت أن المسيح هو يعيش فيّ وغيّر حياتي جذرياً .

 

بعد أن أنهيت برنامج التأهيل في حيفا ذهبت لأتعلم في كلية اللاهوت ، رجعت إلى القدس وبدأت تعليمي وفي نفس الوقت عملت إلى جانب بعض القسوس، وبعد سنتين تعرفت على زوجتى الحبيبة و تزوجنا وصرنا نعمل كمبشرين بتفرغ كامل، ورزقنا الرب بابنتين، وكانت خدمتنا هي تضمن زيارات في البيوت و متابعة النفوس وتلمذتهم، والوعظ لكل النفوس. وهكذا عمل الرب بحياتنا بعدما كنت أشعر أني حقاً ليس ليّ أي نفع في هذه الحياة وأني فاشل، غيَّر المسيح حياتي فأصبحت خليقة جديدة وأقول الأشياء العتيقة قد مضّت هوذا الكل قد صار جديداً!